بِدخولِكَ هذه الصفحة، لا بُدّ أنك مهتمٌ بما أُقدِّمه على الموقع. قد يكون اهتمامُك نابعًا من محبةٍ صادقة لهذه المواضيع، أو من كراهيةٍ شديدة، ورغبةٍ في الانتقام ممّا أتطرّق إليه.
أنا لا ألومك؛ فإن كلامي شديدٌ، مستصعبٌ، لا يحتمله إلا من تجرّد عن الهوى ونزع عنه غطاء الجهل.
فليست علاقتي بالتاريخ وليدة اليوم، ولا نتاج لحظة عابرة، بل هي رفيقة طفولتي، وشغف شبابي، منذ نعومة أظفاري. نعم، أنا أعشق التاريخَ، لا كمجرّد سردٍ لأحداثٍ، بل كمُحاسَبةٍ للعقول، وتمحيصٍ للنفوس، واستقصاءٍ للحقائق. وقد بدأتُ قراءتي للتاريخ الإسلامي بِنَظَرَةٍ بريئة، ساذجة، شائعة بين عوام الناس:
رأيتُ تاريخنا أبيضَ نقيًّا، جميلَ الصورة، عظيمَ المجد، أسمى من أن يُقارن بأي تاريخٍ آخر.
وتصوّرتُ أن الذين خلفوا النبي ﷺ كانوا خيرَ البشر، أبرارًا أتقياء، صنعوا دولاً عظيمة، ووحدوا الأمة، ونشروا الدعوة، وإن تنازعت بينهم السيوف، فقد كان ذلك على وجه المودّة، وانتهت الخلافات بدخولهم الجنة جميعًا، وإن قتل بعضهم بعضًا!
هذا ما غرسه في عقولنا شيوخُ السلطان، عبر قرون من التزييف الممنهج للتاريخ الإسلامي.
تزييفٌ أراد به تمجيدَ الأشخاص، لا تبليغَ الرسالة.
تزييفٌ حوّل الصحابة إلى قديسين، بل في بعض الأحيان، قدّم بعضهم على النبي محمد بن عبد الله ﷺ في الفضل والعدالة! حتى جاء اليوم الذي استيقظ فيه عقلي من سُباتِه، وكفرتُ بِزَيف تلك الصورة، وعرفتُ أن تاريخنا لا يختلف عن أي تاريخٍ بشري آخر، بل هو أشدُّ دمويةً، وأكثرُ تناقضًا.
بدأ هذا الدم منذ اللحظة التي قتل فيها النبي ﷺ، فما إن ودّع الدنيا حتى تسابق الصحابة إلى الخلافة، واقتسموها كغنيمة، وورثوها كملكٍ عضوض.
ثم شرع المبشرون بالجنة يقتلون بعضهم، ويرسل بعضهم الآخر إلى الجنة، زاعمين رضوان الله عليهم! "قتلتموه، ثم أدخلتموه الجنة؟!" — أي عقلٍ هذا؟ نعم، كتب التاريخ — مع كل التحريف والانحياز الذي تشوبه — تُبقي لنا نتفًا من الحقيقة، تكفي لمن أراد أن يرى.
ولذلك عزمتُ على إقامة هذا الموقع، لا بدافع مذهبي، ولا حماسة طائفية، ولا دعوة إلى فرقة، ولا أخفي عليكم الحقيقة، ولا أكذب في مقصدي.
بل كان دافعي الأساسي أن هؤلاء — من خلفوا النبي — بشرٌ مثلنا، لهم مطامع، وشهوات، ونزعات، وغرور، وطموح، وحب للرياسة، كما يملكه كل إنسان. فما هو هدف الموقع؟
بكل اختصار: اعتمادًا على الكتب التاريخية التي يعتمدها أهل العامة أنفسهم، أسعى إلى كشف الصورة الحقيقية للتاريخ الإسلامي، والصورة الحقيقية للصحابة، بعيدًا عن التبجيل الأعمى، والتقديس غير المبرر.
أريد أن أُظهر هذا التاريخ الدموي، لا كنقدٍ للإسلام، بل كنقدٍ لمن ادعوا الإسلام، وسرقوه، ولبسوا لباسه، ثم حوّلوه إلى أداة للسلطة والدم. وأحاول في مقالاتي أن أُقرّب للعوام ما في كتبهم، من نصوصٍ، ووقائع، وأسماء كتب، وروابط مباشرة، ووثائقَ صورية، كي لا يبقى الحقُّ مكتومًا، ولا يُستَتَر الدمُ بثوب التقديس.
فما أن يقرأ الناس ما لم يُحكَ لهم من قبل، حتى يكفرون بِما كانوا يؤمنون به.
إنني أُخرج لهم من كتبهم ما يُسقط أصنامهم، وأُريهم أن التاريخ ليس مسرحَ ملائكة، بل ميدانَ بشرٍ، منهم الصالح، ومنهم الطالح. وإن كان هذا الموقع سينتفع منه أصحاب أهل البيت، فقد يكون ذلك، ولكنني لا أنصحهم بالإكثار من الغوص فيه.
فليشغَلوا أنفسهم بكتبهم، وتراثهم، ورواياتهم، فهي كافية لهم، وافية بِحاجتهم.
كتبه حسين ابن علي